Wednesday 12 October 2011

FIQH USRAH-KULIAH 2-

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة: تعريف الزواج وبيان حكمته وحكمه

الزواج في اللغة
الزواج اقتران الزوج بالزوجة، أو الذكر بالأنثى. وكل شيء اقتران احدهما بالآخر فهما زوجان. (والزوجية) مصدر صناعي بمعنى الزواج، يقال : بينهما حق الزوجية، وما زالت الزوجية بينهما قائمة. والمزواج كثير الزواج، ويقال للمرأة مزواج ايضا. وزوج  المرأة بعلها، والرجل زوج المرأة، وهي زوجه وزوجته. قال تعالى ( اسكن أنت وزوجك الجنة ).وجمع الزوج أزواج.

النكاح في اللغة
أصل النكاح في لغة العرب الوطء، وقيل للتزوج نكاح، لأنه سبب للوطء المباح. وعقد التزوج يسمى النكاح.
والناكح: المتزوج والمتزوجة
وقال بعضهم : النكاح هو حقيقة في العقد مجاز في الوطء.

الزواج في الاصطلاح الشرعي :
وردت جملة تعارف للزواج في اصطلاح الشرعي.
1.    الزواج عقد يفيد ملك المتعة قصدا، أي حل استمتاع الرجل من امرأة لم يمنع من نكاحها مانع شرعي.
ب. الزواج يتضمن إباحة وطء.
ج. الزواج هو العقد الواقع على المرأة لملك الوطء.
د. وعرفه بعض الفقهاء بأنه عقد يفيد حل استمتاع كل من العاقدين بالأخر على الوجه المشروع.
ه. الزواج شرعا عقد يفيد حل استمتاع الرجل بامرأة  لم يمنع من العقد عليها مانع شرعي.

التعريف المختار :
والمختار من هذه التعاريف : (الزواج عقد يفيد شرعا حل استمتاع كل من الزوجين بالأخر على الوجه المشروع)، وسبب هذا الاختيار لهذا التعريف أنه يبين حقيقة عقد الزواج وخصيصته.

النكاح في الاصطلاح الشرعي :

والنكاح في الشرع عقد بين الزوجين يحل بها الوطء. فهذا التعريف للنكاح يتلقي مع الزواج في معناه. وعلى هذا، فسواء قلنا : الزواج أو قلنا النكاح، فإننا نريد بهما في الاصطلاح الشرعي العقد الذي يفيد حل استمتاع كل من الزوجين بالأخر على الوجه المشروع.

حكمة الزواج
الغرض من تشريع الزواج في الاسلام
الوجه الأول : إن في تركيب الإنسان وما جبل عليه من جملة غرائز منها الغريزة الجنسية التي من شأنها ميل الرجل الى المرأة، وميل المرأة الى الرجل, ورغبة كل منهما بالآخر لاشباع غريزته الجنسية. فكان من تقدير العزيز العليم, وفضله العميم على الانسان وتكريمه له, أن شرع نظام الزواج ليكون هو السبيل اللائق به لتحقيق رغبته الجنسية, فليس من اللائق بكرامة الإنسان وتكريمه تركه كالحيوان يشبع غريزته الجنسية دون ضابط ولا نظام.

الوجه الثاني : إن تشريع الزواج في الإسلام يحقق الأنس والاستقرار للرجل بسكونه الى زوجته، ويحقق المودة والرحمة بين الزوجين، قال تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم أزواجا لتسكنوا اليها، وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).

الوجه الثالث : بعقد الزراج وفي ظل نظامه تتكون الأسرة السليمة الصالحة المتماسكة، وينشأ فيها الأولاد ذوو النسب المعروف والمعترف به. ومن مجموع هذه الأسر المتماسكة يتكون المجتمع المتماسك، بخلاف المجتمع الذي يعج بأولاد السفاح، وبالأسر المتفككة التي لا تقوم على أساس نظام الزواج الشرعي.

الوجه الرابع : تكثير افراد الأمة الإسلامية، وبكثرتهم تحصل القوة للأمة، ولهذا ندب الإسلام إلى نكاح المرأة الولود، قد جاء في الحديث النبوي الشريف : (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم). وجعل الإسلام المرأة الولود خيرا من غير الولود، فقد جاء في الحديث النبوي الشريف : (خير نسائكم الولود الودود).

مشروعية الزواج :

الأصل في مشروعية الزواج الكتاب العزيز، والسنة النبوية المطهرة، واجماع العلماء.
 فمن الكتاب العزيز قوله تعالى : (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع...)
وقوله تعالى : (وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم).

من السنة النبوية الشريفة قوله (ص) : (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطيع فليصم فإنه الصوم له وجاء).

واجمع المسلمون على أن الزواج مشروع في الإسلام.

حكم الزواج :

قلنا : إن الزواج مشروع في الإسلام، ونريد أن نبين هنا مدى مشروعيته بمعنى : هل هو مباح فقط أم أنه مندوب، أم أنه يرقي إلى درجة الوجوب؟ وهل يمكن أن يكون الزواج محظورا أو مكروها؟ وبكلمة اخرى : هل الزواج تعتريه الأحكام التكليفية من إباحة وندب ووجوب وكراهة وتحريم؟ هذا ما نبينه في الفقرات التالية :

الزواج الواجب :

يكون الزواج واجبا إذا خاف الشخص على نفسه من الزنى إذا لم يتزوج، لأن صيانة الإنسان نفسه من الزنى واجب، والزواج وسيلته، فيكون الزواج واجبا في هذه الحالة، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهذا قول عامة الفقهاء.

شرط الزواج الواجب :

وشرط الزواج الواجب أن يكون الشخص قادرا على مؤونة  الزواج من مهر ونفقه الزوجة. وهذا الشرط – ملك المهر والنفقة – في الزواج الواجب شرط معتبر عند الحنفية والمالكية والظاهرية.

الزواج الواجب للمرأة :

وما قلناه في وجوب الزواج في حال خوف الرجل من الزنى إذا لم يتزوج، يسري أيضا على المرأة. فإذا خافت المرأة على نفسها من الوقوع في الزنى وجب عليها النكاح، وبهذا صرح الفقهاء، فمن اقوالهم ما جاء في (نهاية المحتاج) للرملي : (وفي التنبية، من جاز لها النكاح إن احتاجته ندب لها. ونقله الأذرعي عن الأصحاب، ثم نقل وجوبه عليها إذا لم تندفع عنها الفجرة إلا به).
وقال الحنابلة يجب النكاح على من يخاف الزنى بترك النكاح من رجل وامرأة سواء كان ذلك علما أو ظنا لأنه يلزمه اعفاف نفسه وصرفها عن الحرام وطريق ذلك النكاح.
وقال المالكية ايضا بوجوب الزواج في هذه الحالة.

كيف تقوم المرأة بالزواج الواجب؟

وإذا صار الزواج واجبا على المرأة فكيف تقوم به؟ أتعرض نفسها على الرجل؟ أو تخطب رجلا كما يخطب الرجل امرأة؟
والجواب : عليها أن لا تمتنع منه إذا تقدم إليها الرجل الكفؤ لخطبتها، وعلى وليها إن لا يمتنع من تزويجها إذا خطبتها الرجل الكفؤ ورضيت به المرأة. فإذا امتنعت هي من الزواج من الرجل الكفؤ الذي تقدم لخطبتها، أو امتنع وليها كان ذلك منها أو منه تقصيرا في القيام بالزواج الواجب على المرأة، ومع التقصير في أداء الواجب الإثم على المقصر.


وقد يكون الزواج محرما لعارض يستدعي التحريم،

وعند المالكية : إذا كان الشخص راغبا في النكاح ولم يخش على نفسه الزنى إذا لم يتزوج، ولكن زواجه يؤدي إلى ارتكاب حرام مثل الإضرار بالمرأة التي يتزوجها لعدم قدرته على الوطء أو لعدم النفقة عليها، أو لاضطراره على التكسب من حرام، أو تأخره عن أداء فرض عليه كالصلاة لانشغاله بتحصيل نفقتها، ففي هذه الحالات يحرم عليه الزواج لارتكابه هذه المحظورات بسبب هذا الزواج.

ولكن إذا كان الشخص غير راغبا في الزواج لعجزه عن الوطء مثلا، فإنه يحرم عليه الزواج كما قلنا، ولكن إذا علمت المرأة بعجزه عن الوطء ورضيت بالزواج به جاز الزواج.

وكذلك إذا كان علمت المرأة بعجز الرجل الخاطب لها عن الإنفاق عليها ورضيت به زوجا دون أن يلزم بالإنفاق عليها، جاز أن يتزوجها. وأما اضطراره على الكسب الحرام بسبب زواجه ليحصل ما ينفقه عليها، فإن الزواج يحرم عليه حتى ولو رضيت المرأة بتكسبه بالحرام.

الزواج  المحرم بالنسبة للمرأة :

ويحرم على المرأة الزواج إذا أدى إلى محظور شرعي، كما لو علمت المرأة من نفسها عدم قيامها بحقوق الزواج وهي ليست بحاجة إلى الزواج وهذا ما صرح به الشافعية.

 الزواج المكروه :

يكون الزواج مكروها لمعنى فيه يستدعي وصفه بالكراهة، وبهذا صرح الفقهاء :

وقال الشافعية : إذا لم تكن للشخص حاجة إلى النكاح لعدم توقانه للوطء خلقة أو لعارض ولا علة به، كره له النكاح إن فقد الأهبة للنكاح، وهي ملك المهر والنفقة والكسوة للزوجة لالتزامه بهذا الزواج ما لا يقدر عليه بلا حاجة. فإن وجد الأهبة وبه علة كهرم أو مرض دائم أو تعنين كذلك، كره له النكاح لعدم حاجته مع عدم تحصين المرأة المؤدي غالبا إلى الفساد.

الزواج المستحب :

ا - يستحب النكاح لمحتاج إليه، أي : تائق له لتوقانه للوطء، ويجد الأهبة له، أي يجد مؤونة النكاح من مهر ونفقة للزوجةى-، وهذا الاستحباب للزواج ثابت حتى بالنسبة للمنشغل بالعبادة للحديث الشريف.
ب - وإن وجد الأهبة للزواج مع عدم حاجته له - أي عدم توقانه للوطء - ، فلا يكره له لقدرته عليه، ولأن الزواج مقاصده لا تنحصر، لكن العبادة- أي التخلي لها بالنسبة للمعتبد- أفضل من النكاح اهتماما بشأن العبادة. فإن لم يكن متعبدا منشغلا بالنوافل، فالنكاح أفضل في القول الاصح.

الزواج  المندوب في حق المرأة :

ويندب الزواج للمرأة إذا كانت لها رغبة فيه ولا تخشي على نفسها الزنى لأنها في الأحكام كالرجل.

الزواج المباح.

قالوا : من لم يحتج للنكاح لعدم توقانه للوطء – أي عدم اشتياقه له – ووجد أهبته – أي ملك مؤونة النكاح من مهر ونفقة -، فلا يكره له الزواج لقدرته عليه، ولأن مقاصد النكاح لا تنحصر في الرغبة في الوطء، ومعنى ذلك أن الزواج في حقه مباح.

وجوب الاستعفاف عند تأخر الزواج
إذا تأخر الزواج – زواج المرأة أو الرجل – لأي سبب كان هذا التأخر، فعلى المسلم أو المسلمة الأخذ بالاستعفاف وضبط النفس، ومنعها من الوقوع في المحرمات، قال تعالى : (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله)
قال الزمخشري في معنى قوله تعالى "واليستعفف" ((وليجتهد في العفة وظلف النفس كأن المستعفف طالب من نفسه العفاف وحاملها عليه).

No comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...