Wednesday 12 October 2011

FIQH USRAH-KULIAH 4-

الخطبة
اذا تعرف كل من الرجل والمرأة الى شخصية الآخر من جوانبها الحسية والمعنوية ووقع من نفسه موقع الرضا والقبول انتقل الى الخطوة الثالثة والأخيرة في المقدمات التي تسبق اجراء العقد ألا وهي الخطبة. ويتعلق بالخطبة مطالب أهمها:

تعريف الخطبة :
خطب الرجل فلانة خطبا وخطبة، أي : طلبها للزواج، فهو خاطب. والخطب الذي يخطب المرأة، وهي المخطوبة.

الخطبة : التماس نكاح المرأة. وقال الشافعية : الخطبة التماس الخاطب النكاح من جهة المخطوبة.

حكم الخطبة :

حكم الخطبة الإباحة، وقال الإمام الشافعي إنها مستحبة. والقول باستحبابها هو المتفق مع حكمة تشريعها.

حكمة تشريعها :

أما حكمة تشريعها فهي إعطاء فرصة كافية للمرأة وأهلها وأوليائها للسؤال عن الخاطب، والتعرف على ما يهم المرأة وأهلها وأوليائها معرفته من حصال الخاطب مثل : تدينة، وأخلاقه، وسيرته ونحو ذلك.

كما أن في التمهيد لعقد النكاح بالخطبة إظهارا وإعلانا لأهمية هذا العقد، وإشراك لأهل المرأة فيه على نحو ما، مثل إبداء رأيهم بعد التحري عن الخاطب.

وفي الخطبة أيضا فرصة للخاطب ليعرف عن المرأة ما لم يعرفه عنها قبل الخطبة، ذلك أن الرجل وإن قام – عادة وغالبا – بالسؤال عن المرأة وأهلها، فإنه قد يفوته شيء عن المرأة وأخلاقها وطباعها، وأخلاق وطباع أهلها، فإذا قام بخطبتها عن طريق إرسال بعض أهله – ويكونون عادة من النساء-، فقد يعرفون من المرأة وأهلها ما لم يعرف الخاطب منها ومنهم، وقد يؤدي ذلك كله من قبله، أو من قبل المرأة وأهلها إلى عدم المضي بإجراء عقد النكاح فيرجع الخاطب عن خطبته، أو ترفض المرأة، أو أهلها وأولياؤها قبول خطبة الخاطب.

قلنا : إن من حكمة تشريع الخطبة السؤال والبحث والتحري عن حال الخاطب من قبل المرأة وأهلها وأوليائها.
كما أن الخاطب قبل إقدامه على الخطبة قد سأل وبحث وتحري عن المرأة وأهلها ليعرف عنها وعنهم ما يهمه معرفته.


شروط من تحل خطبتها :

قلنا : إن الخطبة تعني طلب الرجل امرأة للتزوج بها، فمن البديهي أن تكون هذه المرأة المخطوبة ممن يحل للخاطب نكاحها وقت خطبتها. والتي يحل له خطبتها هي التي لا تكون محرمة عليه لا حرمة مؤبدة ولا حرمة مؤقتة، أن لا تكون محرمة على الخاطب وقت الخطبة وأن لا تكون مخطوبة من قبل الغير.

الشرط الأول : أن لا تكون محرمة على الخاطب :

وبناء على هذا الشرط لا تجوز خطبة من يحرم نكاحها على وجه التأبيد كالأخت من النسب أو الرضاع، لأن الخطبة من مقدمات الزواج ووسيلته، فإذا حرم الزواج حرمت مقدمته (الخطبة) فكان الاشتغال بها عبثا مع مخالفته للشرع. وسنذكر المحرمات على التأبيد فيما بعد.

وكذلك يحرم خطبة من يحرم نكاحها حرمة مؤقتة وقت الخطبة مثل زوجة الغير، وأخت زوجة الخاطب. أو كانت محرمة بحج أو عمرة.

وفي خطبة المعتدة شيء من التفضيل في جواز خطبتها وهي في العقد.

خطبة المعتدة :

المعتدة هي المرأة التي لزمتها العدة – وهي مدة معينة – لوقوع الفرقة بينها وبين زوجها بالوفاة، أو بالطلاق وغيره من فرق النكاح في حياة الزوجين.

المعتدة وهي في عدتها يحرم نكاحها، أما خطبتها وهي في العدة ففيه شيء من التفصيل.

المعتدة عدة الوفاة :

لا اثم عليكم في التعريض بالخطبة للمعتدة عدة الوفاة. أما التصريح بالخطبة لها، فلا يجوز بلا خلاف.

التعريض بالخطبة من قبل الرجل :

التعريض ضد التصريح

تعريض المعتدة في الجواب :

ويجوز للمرأة المعتدة عدة وفاة أن تجيب تعريضا لا تصريحا على من يعرض في الخطبة.

الوعد بالزواج لمعتدة الوفاة :

أن التصريح بالخطبة لمعتدة الوفاة لا يجوز، وإنما الجائز هو التعريض بالخطبة فقط.

وكذلك لا يجوز الوعد بالزواج بأن يعد الخاطب المرأة المعتدة عدة الوفاة بالزواج بعد انتهاء عدتها. وكذلك لا يجوز لها أن تعده بأن تتزوجه بعد انتهاء عدتها لقوله تعالى : (ولكن لا تواعدوهن سرا).

خطبة المعتدة من طلاق رجعي :

لا يجوز لأحد خطبة المعتدة الطلاق رجعي لا تصريحا ولا تعريضا، لأنها في حكم الزوجة، ولا يجوز خطبة زوجة الغير (لقيام ملك النكاح من كل وجه).

المعتدة من طلاق الثلاث :

المعتدة الطلاق الثلاث يجوز التعريض بخطبتها في عدتها.

المعتدة لفرقة بينونة صغرى.

المعتدة لفرقة تكون فيها بائنا بينونة صغرى يحل فيها لزوجها نكاحها
كالمختلعة والمطلقة طلاقا بائنا بينونة صغرى، والفرقة بسبب غيبة الزوج، أو بسبب إعساره ونحو ذلك، فلزوجها الذي طلقها أو فرق بينه وبينها التصريح أر التعريض بخطبتها، لأن نكاحها مباح له، وهي في عدتها، فهي كغير المعتدة. ولكن هل يجوز لغير زوجها التعريض بخطبتها؟
وجهان عند الحنابلة. وما ذكرناه هو كله مذهب الحنابلة.

ومذهب الشافعية كمذهب الحنابلة فيما ذكرناه سوى أن الشافعية قالوا : يجوز لغير زوج المعتدة التعريض في خطبته على القول الأظهار في مذهبهم.

المرأة المعتدة كالرجل في الخطبة تعريضا وتصريحا :

قال الشافعية : (وحكم جواب المرأة في الصور المذكورة تصريحا وتعريضا، حكم الخطبة – أي خطبة الرجل – فيما تقدم).

حكمة تحريم خطبة المعتدة :

وأما حكمة تحريم خطبة المعتدة فهي ان المعتدة من طلاق رجعي تعتبر زوجة

 المطلق ما دامت في العدة لقيام ملك النكاح من كل وجه، فلا يجوز خطبتها كما لا يجوز خطبتها قبل الطلاق.

وأما المطلقة ثلاثا، أو بائنا، والمتوفى عنها زوجها، فلأن  النكاح حال قيام العدة قائم من وجه لبقاء بعض آثاره، والقائم من وجه كالثابت من كل وجه في باب الحرمة.

وأيضا فإن الخطبة حال قيام النكاح من وجه – وقوف الخاطب موقف التهمة ورتع حول الحمى.

ثم إن خطبة المعتدة يكسب العداوة بين المرأة وخاطبها وبين زوجها الذي طلقها، لأن العدة من حقه، ومعنى العداوة بينها وبين ورثة المتوفى عنها زوجها لا يحتمل، لأن العدة ليست حقه بدليل وجوبها عليها، ولو لم يدخل بها قبل وفاته.

وإذا خطب الرجل معتدة خطبة محرمة، ثم تزوج المخطوبة بعد انقضاء عدتها، فما حكم هذا النكاح؟
-         (صح نكاحه).

الشرط الثاني : أن لا تكون مخطوبة الغير.

أن يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب.

والنهي عن الخطبة على خطبة الغير تظهر ببيان حال المخطوبة – أي ببيان موقفها من الخاطب – وقد بلغها خطبته لها.

وحال المخطوبة لا يخلو من ثلاثة أقسام :

القسم الأول من حال المخطوبة :

أن تصرح المخطوبة بالإجابة له – أي تجيبه بالموافقة – أو تأذن لوليها بأن يجيبه بالموافقة أو بتزويجه منها. فهذه المخطوبة – وهذا حالها – يحرم على غير خاطبها أن يتقدم لخطبتها.

القسم الثاني من حال المخطوبة :

أن ترد المخطوبة الخاطب وترفض خطبتها، أو أنها لا تركن إليه، فهذه يجوز خطبتها لما روت فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثا فلم يجعل لها رسول الله نفقة ولا سكنى.

القسم الثالث من حال المخطوبة :

أن يوجد من المخطوبة ما يدل على الرضا بالخاطب والركون إليه، ولكن تعريضا لا تصريحا كقولها : ما أنت إلا رضى ، وما عنك رغبة. فهذه في حكم القسم الأول لا يجوز لغيره خطبتها، وهذا ظاهر كلام الإمام أحمد كما قال ابن قدامة الحنبلي.
الخلوة بالمخطوبة :

مجرد الخطبة لا يجعل المخطوبة زوجة للخاطب، بل تبقي أجنبية منه بالرغم من رضاها بخطبته وعدم رفضها، وبالتالي فتعامل معاملة الأجنبية. ومن ذلك يحرم عليه وعليها شرعا الخلوة بينهما ولو بحجة، كما لا يجوز أن يصاحبها ويخرج معها إلى الأسواق بحجة أنها خطيبتها  ورضيت بخطبته، فكل ذلك غير جائزشرعا، لأنها كما قلت أجنبية، وقد قال (ص) : (لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم). فيجوز أن يجلس معها بحضور أحد من محارمها كأبيها وأخيها.

والخلوة بها لا تجوز بدون محرم لها سواء رضيت هي وأهلها بالخلوة معها أو لم يرضوا، لأن الشرع حرم الخلوة بالأجنبية، فلا تصير هذه الخلوة حلالا برضا المرأة أو برضا ذويتها.

العدول عن الخطبة :
الخطبة وعد بالزواج وليست عقد زواج، وعلى هذا فلكل من الخاطب

والمخطوبة العدول عن الخطبة، وإن كان مقتضي الوفاء بالوعد يقضي بعدم العدول إلا لضرورة أو لسبب شرعي.

(وإذا لم تجب هي – أي المخطوبة – ولا وليها، ولكن ترك الخاطب الخطبة أو أذن فيها جازت خطبتها ... ولا يكره للولي – ولي المخطوبة – الرجوع عن الإجابة إذا رأى المصلحة لها في ذلك، لأن الحق لها وهو نائب عنها في النظر لها، فلا يكره له الرجوع الذي رأى المصلحة  فيه كما لو ساوم في بيع دارها. ولا يكره لها الرجوع إذا كرهت الخاطب، لأنه عقد عمري يدوم الضرر فيه، فكان لها الاحتياط لنفسها والنظر في حظها.

الخلاصة في الرجوع عن الخطبة :

والخلاصة  أن الرجوع عن الخطبة جائز، سواء كان هذا الرجوع من الخاطب أو من المخطوبة أو من وليها، لأن الخطبة ليست عقد زواج، وإنما هي وعد به، ولكن هذا الرجوع يكره إن لم يكن لغرض صحيح شرعي.


ما يترتب على الرجوع عن الخطبة :
مذهب الحنفية :

إذا كان الخاطب قد أعطى للمخطوبة أو لوليها شيئا من المال على اعتبار أنه مهر أو من المهر، فإن الخاطب يستحقه فيسترده إن كان قائما، أو يسترد فيمته إن كان هالكا أو مستهلكا، وان كان مالا قيميا أو مثله إن كان مثليا.

أما الهدايا التي أعطاها الخاطب للمخطوبة فله الحق في استردادها إن كانت موجودة، فإن كانت هالكة أو مستهلكة فليس له استرداد قيمتها أو مثلها.

مذهب المالكية :

في فقه المالكية : (فإن أهدى – أي الخاطب – أو أنفق، ثم تزوجت غيره لم يرجع عليها بشيء، ولو كان كان الرجوع من جهتها.
وأما إذا أعطاها شيئا باعتباره من المهر، فالظاهر أن له استرداده، لأنه لم يعطها هذا الشيء باعتباره هبة حتى تطبق عليه أحكام الهبة.

مذهب الحنابلة :

(لا يحل لواهب أن يرجع في هبته ولا لمهد أن يرجع في هبته، وإن لم يثب عليها). وأراد الخرقي بالوهاب من عدا الأب، حيث إن للأب الرجوع في هبته، فأما غير الأب فليس له الرجوع في هبته ولا هديته، وبهذا قال الشافعي.

ومعنى ذلك أن مذهب الحنابلة في هدايا الخاطب لمخطوبته إذا حصل رجوع عن الخطبة من قبلها او من قبله هو عدم حق الخاطب في استرداد ما قدمه لخطيبته من هدايا، لأنها هبة، والهبة لا يجوز الرجوع فيها لغير الأب. أما إذا أعطاها شيئا باعتباره مهرا لها أو جزءا من المهر فأشبه ما يقدمه المشتري مالا عوضا عن شيء ولم يسلم له هذا الشيء له استرداد ما سلمه من مال.

التعويض عن الرجوع عن الخطبة :

وإذا رجع الخاطب أو المخطوبة عن الخطبة، وادعى الطرف الآخر أنه تضرر بهذا الرجوع، فهل له أن يطلب التعويض من الراجع عن الخطبة؟
القول الأول : أن على الراجع عن الخطبة تعويض الطرف الآخر عن أي ضرر لحقه بسبب هذا الرجوع، ومعنى ذلك أنهم يرون ترتيب أي تعويض على الراجع عن الخطبة.

القول الثاني : الرجوع عن الخطبة (الراجع عن الخطبة لسبب مقبول أو غير مقبول) يجوز ، والجواز الشرعي ينافي الضمان : ، في هذه الحالة عدم تحمل الراجع أي تعويض للطرف الآخر لأنه استعمال أمرا جائزا له وهو حق الرجوع عن الخطبة، والجواز الشرعي ينافي الضمان.

القول الثالث : اذا نال أحد الفريقين بسبب عدول الآخرعن الزواج ضرر
- حكم فقهاء المحدثين بالتعويض, لأنه من المقرر في الشريعة الاسلامية أن "لا ضرر ولا ضرار" "والضرر يزال" وطريق ازالته هو التعويض






No comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...