Wednesday 12 October 2011

FIQH USRAH-KULIAH 3-

المحاضرة الثانية
مقدمات  عقد الزواج - اختيار الزوج والزوجة
نظرا لأهمية عقد الزواج وللمعاني الجليلة التي شرع لأجلها فقد خص من بين سائر العقود بأمور تدل على هذه الأهمية كاشتراط الاشهاد عليها ومن الأمور التي خص بها العقد كذلك وجود مقدمات شرعها الاسلام له، تسبق هذه المقدمات العقد، والغرض منها أن يتم الاقدام عليه برؤية وعلى بصيرة بعيدا عن الانفعال العاطفي أو الارتجال غير الواعي فاذا ما روعيت هذه المقدمات بالصورة التي أرادها الاسلام ضمنا باذن الله اقامة العلاقة الزوجية على أسس وطيدة تكفل لها الدوام والاستقرار: وتشمل هذه المقدمات : اختيار الزوج والزوجة والخطبة.

اختيار الرجل للمرأة ليخطبها
ضرورة هذا الاختيار.
في الحديث النبوى الشريف الذي أخرجه ابن ماجه عن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي (ص) قال : (تخيروا لنطفكم وأنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم).
وجاء في شرح هذا الحديث : قوله (تخيروا لنطفكم) أي : لا تضعوا نطفكم إلا في أصل طاهر، أي تكلفوا طلب ما هو خير المناكح وأزكاها وأبعدها عن الخبث والفجور. والمراد بالنطفة هنا : نطفة المني).
وحاصل المعنى : تخيروا النساء الصالحات اللاتي يكن مستقر نطفكم التي يخلق الله منها أولادكم، وبتعبير آخر: "تخيروا لأولادكم أمهات صالحات بأن تتزوجوا نساء صالحات يصرن أمهات أولادكم".
أولا : ذات الدين
جاء في الحديث النبوي الشريف الذي أخرجه البخاري عن ابي هريرة – أن رسول (ص) قال : (تنكح المرأة لأربع : لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك).
وقد جاء في شرحه : أن هذه الخصال الأربع هي التي يرغب الناس في نكاح المرأة من أجلها. وظاهر الحديث يفيد إباحة النكاح لقصد كل من ذلك، ولكن المفضلة هي ذات الدين، أي : تفضل المتدينة على غير المتدينة وإن كانت ذات حسب أو مال أو جمال. فإن تساوت امرأتان بالتدين واختلفتا في الجمال أو الحسب أو المال رجحت الجميلة أو الحسيبة أو الغنية.

وقوله : (فاظفر بذات الدين) أي أطلب المتدينة حتى تفوز بها.
وقوله : (تربت يداك) أي : لصقت بالتراب  وهي كناية عن الفقر، وهو خبر بمعنى الدعاء لكن لا يراد به حقيقته هنا، وإنما يراد به الحث على طلب ذات الدين.

ثانيا : ذات جمال :
وما قلناه في ترغيب الإسلام في الزواج ب (ذات الدين) والحرص على ذلك والحث عليه لا يعني أن الجمال لا اعتبار له ولا يراد في المرأة المراد نكاحها، وإنما يعني التدين يبقي هو الأثقل والأرجح في ميزان الإسلام من مجرد الجمال بلا تدين، بمعنى أن الجمال في المرأة متأخر الرتبة دائما عن رتبة تدينها، ويبقى التفضيل والتقدم للمرأة ذات الدين على ما سواها من ذوات الجمال والحسب والمال إذا عرين من معاني الدين المطلوبة في الزوجة.

وقال ابن حجر العسقلاني في شرح هذا الحديث : يؤخذ منه استحباب تزوج الجميلة إلا أن تعارض الجميلة الغير دينية الغير الجميلة الدينية : نعم لو تساويا في الدين فالجميلة أولى).

ثالثا : نكاح البكر :

ويستحب للرجل اختيار من يريد نكاحها من الأبكار، والبكر هي التي لم تتزوج بعد. وقد أرشد الى هذا الاستحباب الحديث النبوي الشريف الذي أخرجه الإمام البخاري في (صحيحه) عن جابر – رضي الله عنه – قال : تزوجت، فقال لي رسول الله (ص) : (ما تزوجت؟ فقلت : تزوجت ثيبا. فقال (ص) : فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك). والجارية هنا البكر، كما جاء في رواية أخرى لهذا الحديث.

حديث في نكاح البكر :

وأخرجه ابن ماجه في (سننه) أن رسول الله (ص) قال : (عليكم بالأبكار، فإنهن أعذب افواها، وأنتق أرحاما، وأرضى باليسير).

ولا شك أن المرأة بهذه الصفات أكثر استعدادا لإسعاد زوجها من غيرها، فهي لا تخاطبه إلا بالكلام الحلو الرقيق.

رابعا : نكاح المرأة الولود :

والمرأة الولود يفضل نكاحها على نكاح غيرها إن لم تكن امرأة ولودا، وإن كانت بكرا لأن القصد من النكاح ايجاد النسل, ولهذا جاءت السنة النبوية بالحث على الزواج بالمرأة الولود, فقد أخرج أبو داود في سننه عن معقل بن يسار قال "جاء رجل الى النبي (ص) فقال: اني أصبت امرأة ذات جمال وحسب وانها لا تلد, أفأتزوجها؟ قال: لا ثم أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة, فقال (ص) تزوجوا الودود الولود فاني مكاثر بكم الأمم.

وجاء في شرح هذا الحديث : قوله : (تزوجوا الودود) أي : التي تحب زوجها. (الولود) أي : التي تكثر ولادتها، لأن (الولود) إذا لم تكن (ودودا) لم يرغب الزوج فيها. و(الودود) إذا لم تكن ولودا لم يحصل المطلوب وهو تكثير الأمة بكثرة التوالد.

خامسا : أن تكون المرأة حسبية :

قال الحنابلة : (ويستحب نكاح حسبية وهي النسيبة – أي طيبة الأصل – ليكون ولدها نجيبا، فإنه ربما أشبه أهلها ونزع إليهم).

وفي الحديث الذي أخرجه البخارى : (تنكح المرأة لأربع : لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك).

والحسب في الأصل يعني الشرف بالآباء وما يعده الناس من مفاخرهم، وقيل : الحسب يعني الفعال الحسنة.

ويؤخذ من هذا الحديث أن الشريف النسيب يستحب له أن يتزوج نسيبة، ولكن إذا لم تكن متدينة فيقدم عليها المتدينة غير النسيبة.

سادسا : الحنون على الصغير والمحافظة على مال الزوج.

وينبغي للرجل عند اختيار المرأة التي يريد خطبتها تمهيدا لنكاحها أن يلاحظ أخلاقها مثل حنونها على الصغار، وحسن تدبيرها، وحفظها للمال.

سابعا : أن تكون من بيت دين وصلاح :

ويستحسن أن تكون المرأة، من بيت دين وصلاح، لأن كونها من أهل بيت بهذا الوصف مظنة حسن تربيتها وأدبها ودينها، وستؤثر هذه المعاني والصفات في أولادها، لأنها ستربيهم على معاني الدين والفضيلة والأدب الحسن والأخلاق الجيدة التي نشأت هي عليها في بيتها.

ثامنا : اختيار المرأة البعيدة لا القريبة :

أن لا تكون ذات قرابة قريبة، قال النبي : (لا تنكحوا القرابة القريبة، فان الولد يخلق ضاويا).

اختيار المرأة الرجل

الأصل أن الرجل – حسب العادة – هو الذي يتولى اختيار المرأة التي يريد نكاحها، سواء كان هذا الاختيار باجتهاد ورغبة منه مباشرة أو عن طريق إرشاد الآخرين لهذا الاختيار.

وأن الشأن بالرجل المسلم أن يراعي في اختياره الضوابط التي أرشدت إليها السنة النبوية صراحة أو دلالة.

ولكن هل يجوز للمرأة أن تختار الرجل الذي ترغب فيه أن يتزوجها؟ وإذا جاز لها ذلك، فكيف تقوم بهذا الاختيار فعلا؟
شروط جواز اختيار المرأة للرجل وكيفية إخباره بذلك :

وإذا جاز للمرأة أن تختار الرجل الذي ترغب في زواجه، فالشرط أو الشروط لهذا الجواز ما أشار إليه حديث أنس وما ذكره العلماء في دلالته على هذا الجواز، فيشترط لهذا الجواز أن يكون الرجل المختار متصفا بالتدين والصلاح، أو بالعلم، أو بخصلة من خصال الدين، ولا يكون اختيارها لغرض دنيوي، وتقوم هي بإخباره برغبتها فيه.

No comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...