Monday 10 October 2011

PENGAJARAN TEKS AL-QURAN-7-

سورة ق 19-35
Organization Chart
 









1. تقرير خلق الإنسان وعلم اللَّه بأحواله
[سورة ق (50) : الآيات 16 الى 22]
"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (17) ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)"
أولاً: المفردات اللغوية:
·       تُوَسْوِسُ: تحدث، من الوسوسة: الصوت الخفي.
·       حَبْلِ الْوَرِيدِ: العرق في صفحة العنق.
·       َتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ: يأخذ ويثبت الملكان الموكلان بالإنسان ما يعمله.
·       رَقِيبٌ ملك يرقب قوله وعمله ويكتبه ويحفظه
·       عَتِيدٌ: حاضر مهيأ لكتابة الخير والشر، فملك اليمين يكتب الخير، وهو أمير على كاتب السيئات، وملك الشمال يكتب الشر.
·       سَكْرَةُ الْمَوْتِ: شدته التي تذهب بالعقل.
·       بِالْحَقِّ: بحقيقة الأمر ذلِكَ الموت.
·       ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ: تهرب وتفزع وتميل عنه، والخطاب للإنسان.
·       وَنُفِخَ فِي الصُّورِ: أي نفخة البعث. يَوْمُ الْوَعِيدِ: أي يوم إنجاز الوعيد وتحققه للكفار بالعذاب.
·       وَجاءَتْ فيه كُلُّ نَفْسٍ: إلى المحشر، سائِقٌ وَشَهِيدٌ: ملكان أحدهما يسوقها إلى أمر اللَّه، والآخر يشهد على النفس بعملها.
·       لَقَدْ كُنْتَ: في الدنيا، فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا: الذي ينزل بك، غِطاءَكَ: الغطاء الحاجب لأمور المعاد، وهو الغفلة.
·       فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ: حادّ نافذ تدرك به ما أنكرته في الدنيا.
ثانياً: الإعراب:
وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ نَعْلَمُ: في محل حال، أي نحن نعلم. وما: اسم موصول بمعنى الذي.
ثالثاً: البلاغة:
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ استعارة تمثيلية، مثّل اللَّه تعالى علمه بأحوال العبد بحبل الوريد القريب من القلب، للدلالة على القرب بطريق الاستعارة.
الْوَرِيدِ، قَعِيدٌ، عَتِيدٌ، تَحِيدُ، الْوَعِيدِ، شَهِيدٌ، حَدِيدٌ: سجع.
رابعاً: التفسير والبيان:
(16) "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ" إخبار من اللَّه تعالى بأنه خلق الإنسان، وأن علمه محيط بجميع أموره، حتى ما يجول في خاطره، وحتى حديث النفس، وأنه لا يخفى عليه شيء من أحواله.
(17) "إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ" أي ونحن أقرب من الإنسان من كل قريب حين يتلقى الملكان الحفيظان ما يتلفظ به وما يعمل به، فيأخذان ذلك ويثبتانه، عن اليمين قعيد، وعن الشمال قعيد، والقعيد: من يقعد معك. فملك اليمين يكتب الحسنات، وملك الشمال يكتب السيئات.
(18) "ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" أي ما يتكلم ابن آدم من كلمة إلا ولها من يرقبها، وهو حاضر معدّ لذلك، يكتبها، لا يترك كلمة ولا حركة.
(19) "وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ، ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ" أي يا أيها الإنسان، جاءت شدة الموت وغمرته التي تغشي الإنسان، وتغلب على عقله ببيان اليقين الذي يتضح له الحق، ويظهر له صدق ما جاءت به الرسل من الأخبار بالبعث.
(20) "وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ" أي ونفخ في الصور نفخة البعث، ذلك الوقت الذي يكون عظيم الأهوال هو يوم الوعيد الذي أوعد اللَّه به الكفار بالعذاب في الآخرة.
(21) "وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ" أي وأتت كل نفس من نفوس البشر، بالبدن والروح، معها ملك يسوقها إلى المحشر، وملك يشهد عليها أو لها بالأعمال من خير أو شرّ.
(22) "لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا، فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ، فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ" أي يقال للكافر: لقد كنت في الدنيا غافلا عن هذا المصير وهذا اليوم، فرفعنا عنك الحجاب الذي كان لديك، والذي كان بينك وبين أمور الآخرة، فبصرك اليوم قوي نافذ تبصر به ما كان يخفى عليك في حياتك، لأن كل أحد يوم القيامة يكون مستبصرا مصيره، ومدركا ما أنكره في الدنيا.
خامساً: الأحكام
دلت الآيات على ما يأتي:
·       إن خلق اللَّه تعالى الإنسان، وعلمه بكل ما يصدر منه حتى حديث النفس، دليل على قدرته تعالى على البعث، وإعادة الناس أحياء يوم القيامة.
·       يحصي الملكان كل شيء من أقوال الإنسان وأعماله، فما يتكلم بشيء إلا كتب عليه، وما يفعل من شيء إلا دوّن عليه، قال أبو الجوزاء ومجاهد: يكتب على الإنسان كل شيء حتى الأنين في مرضه.
·       إذا نفخ في الصور النفخة الآخرة للبعث، فذلك اليوم الذي وعده اللَّه للكفار أن يعذبهم فيه.
·       يصحب كل إنسان يوم القيامة ملكان: سائق يسوقه إلى المحشر، وشاهد يشهد له وعليه بأعماله.

2. الحوار بين الكافر وقرينه الشيطان يوم القيامة.
[سورة ق (50) : الآيات 23 الى 30]
"وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ (26) قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (27) قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30)"
أولاً: المفردات اللغوية:
·       قَرِينُهُ: الشيطان.
·       عَتِيدٌ مهيأ معدّ لجهنم.
·       أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ أَلْقِيا: الخطاب للسائق والشهيد.
·       عَنِيدٍ: معاند للحق. مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ: كثير المنع للمفروض كالزكاة، مُعْتَدٍ: ظالم متعد للحق. مُرِيبٍ: شاك في اللَّه وفي دينه.
·       قالَ قَرِينُهُ: الشيطان المقيض له. رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ: أضللته.
·       لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ: لا تتجادلوا عندي في موقف الحساب، فلا ينفع الخصام والجدال هنا.
·       وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ: أخبرتكم في الدنيا وتقدمت إليكم في الكتب بالرسل بوعيدي بالعذاب في الآخرة إذا لم تؤمنوا.
·        وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ أي فلا أعذب بغير جرم.
ثانياً: الإعراب:
أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ أَلْقِيا: الخطاب للسائق والشهيد، فهو خطاب لاثنين، أو الخطاب لملك واحد هو مالك خازن النار، لأن من عادة العرب مخاطبة الواحد بلفظ الاثنين.
ثالثاً: البلاغة:
بين قوله عَتِيدٌ وعَنِيدٍ جناس ناقص لتغاير حرفي النون والتاء.
رابعاً: التفسير:
(23) "وَقالَ قَرِينُهُ: هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ أي قال الملك الموكل به بابن آدم: هذا ما عندي من كتاب عملك معدّ محضر بلا زيادة ولا نقصان.
(24) (25) (26) "أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ، مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ، الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ، فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ" أي يقول اللَّه تعالى للسائق والشهيد: اطرحا في جهنم كل من كفر باللّه أو أشرك به شريكا آخر، مكابر معاند للحق وأهله، كثير الكفر والتكذيب بالحق، معارض له بالباطل مع علمه بذلك. وهو أيضا كثير المنع للخير كالزكاة، ولا يؤدي ما عليه من الحقوق، ولا يبذل خيرا لأحد من قريب أو فقير بصلة رحم أو صدقة، ويمنع أقاربه عن الدخول في الإسلام، وهو متعد على الناس بالفحش والأذى، متجاوز الحد في الإنفاق من ماله، ظالم لنفسه لا يقر بتوحيد اللَّه، شاكّ في الحق وفي أمره وفي دين اللَّه، ومشكك غيره.
 (27) "قالَ قَرِينُهُ: رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ، وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ" أي يقول الشيطان عن قرينه الذي وافى القيامة كافرا، متبرئا منه: يا ربنا ما أضللته أو أوقعته في الطغيان، بل كان هو في نفسه ضالا، مؤثرا الباطل، معاندا للحق بعيدا عنه، فدعوته فاستجاب لي، ولو كان من عبادك المخلصين لم أقدر عليه، أي وكأن الكافر يريد الاعتذار قائلا: يا ربّ إن قريني الشيطان أطغاني، فأجاب القرين الذي قيض له وهو الشيطان: رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ.
(28) "قالَ: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ، وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ" أي قال الرب عز وجل لهما- للكافر وقرينه الشيطان: لا تتخاصموا ولا تتجادلوا عندي في موقف الحساب، فإني تقدمت إليكم في الدنيا بالإنذار والوعيد، وأعذرت إليكم على ألسنة الرسل، وأنزلت الكتب، وقامت عليكم الحجج والبراهين، والمراد أن اعتذاركم الآن غير نافع لدي.
(29) "ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ" أي قضيت ما أنا قاض، ولا يغير حكمي وقضائي، ولا خلف لوعدي، بل هو كائن لا محالة، وقد قضيت عليكم بالعذاب بسبب كفركم، فلا تبديل له، ولا أعذب أحدا ظلما بغير جرم اجترمه أو ذنب اقترفه أو أذنبه بعد قيام الحجة عليه.
(30) "يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ: هَلِ امْتَلَأْتِ؟ وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟" أي اذكر يا محمد لقومك وأنذرهم حين يقول اللَّه تعالى لجهنم: هل امتلأت بالأفواج من الجنّة والناس؟ فتنطق جهنم وتجيبه قائلة: هل بقي شيء من زيادة تزيدونني بها؟
خامساً: الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
·       إن من كبائر الأعمال الموجبة لعذاب جهنم: الكفر باللّه والشرك به، ومعاندة الحق ومكابرته، وإيثار الباطل وأهله، ومنع المال عن حقوقه، أو منع الناس عن الإسلام، وتجاوز الحد المعتدل في الإنفاق، والتكذيب بالحق، والشك في دين اللَّه، وتشكيك الآخرين، وجعل شريك آخر معبود مع اللَّه.
·       كل من الشيطان والفاجر الكافر يلقي التبعة في كفره على الآخر ويتبرأ الشيطان من الكافر ويكذبه يوم القيامة، وينسب الطغيان والكفر له، لا لنفسه، والحق أن كلا الفريقين في النار، وقد أعذر من أنذر، واللَّه تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب لهداية الإنس والجن، فاختار كل منهما ما يحلو له.
·       يستحيل الظلم على اللَّه تعالى، فهو سبحانه لا يعذب أحدا بغير جرم، ولا يعذب من لا يستحق العذاب، ولا يغير قضاءه المبرم، وحكمه العادل الذي حكم به.
·       يملأ اللَّه تعالى جهنم بالكفار والمشركين والملحدين والماديين والعصاة حتى لا يبقى فيها موضع لزيادة، أو أنها تطلب الزيادة تغيظا على الكفار، وتضييقا للمكان عليهم.
3. حال المتقين
[سورة ق (50) : الآيات 31 الى 35]
"وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ (35)"
أولاً: المفردات اللغوية:
·       وَأُزْلِفَتِ: قرّبت لهم، غَيْرَ بَعِيدٍ: أي في مكان غير بعيد منهم.
·       هذا ما تُوعَدُونَ: أي يقال لهم: هذا ما توعدون، والإشارة إلى الثواب، أي هذا هو الثواب الذي وعدتم به على ألسنة الرسل.
·       أَوَّابٍ: كثير الرجوع إلى اللَّه تعالى وطاعته. حَفِيظٍ: كثير الحفظ أي حافظ لحدود اللَّه وشرائعه.
·       مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ: من خاف عقاب اللَّه، وهو غائب عن الأعين، فلم يره أحد.
·       مُنِيبٍ: مقبل على طاعة اللَّه.
·       ادْخُلُوها بِسَلامٍ أي يقال لهم: أدخلوها سالمين من كل خوف أو مسلّما عليكم من اللَّه وملائكته.
·       ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ: أي ذلك اليوم الذي حصل فيه الدخول يوم الخلود في الجنة، إذ لا موت فيها، أي يوم تقدير الخلود.
·       لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ: أي زيادة، وهو ما لا يخطر ببالهم، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
ثانياً: الإعراب:...
رابعاً: التفسير:
(31) "وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ" أي أدنيت وقرّبت لأهل التقوى تقريبا غير بعيد، أو في مكان غير بعيد.
(32) "هذا ما تُوعَدُونَ، لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ" أي تقول الملائكة لهم: هذا النعيم الذي ترونه من الجنة هو ما وعدتم به في كتب ربكم وعلى ألسنة الرسل الذين أرسلهم اللَّه لكم، وهذا الثواب بعينه هو لكل رجّاع إلى اللَّه تعالى وطاعته بالتوبة عن المعصية، والإقلاع عن الذنب، كثير الحفظ لحدود اللَّه وشرائعه، ويحفظ العهد، فلا ينقضه ولا ينكثه ولا يهمل شيئا منه.
(33) "مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ، وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ أي ذلك المحافظ على الحدود، فلا يقربها: هو من خاف اللَّه ولم يكن رآه، وخاف اللَّه في سره حيث لا يراه أحد إلا اللَّه عز وجل.
(34) "ادْخُلُوها بِسَلامٍ، ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ" أي ويقال لهم: ادخلوا الجنة بسلامة من العذاب، ومن زوال النعم، ومن كل المخاوف، أو مسلّما عليكم من اللَّه وملائكته، ذلك اليوم الذي تدخلون فيه هو يوم الخلود الدائم أبدا، الذي لا موت بعده، ولا تحوّل عنه.
(35) "لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها، وَلَدَيْنا مَزِيدٌ" أي لهؤلاء المتقين الموصوفين بما ذكر كل ما يريدون في الجنة، وتشتهيه أنفسهم، وتلذ أعينهم، من أنواع الخير، وأصناف النعم بحسب رغبتهم، فمهما اختاروا وجدوا ومن أي أصناف الملاذ طلبوا أحضر لهم. ولدينا مزيد من النعم التي لم تخطر لهم على بال، ولا مرت لهم في خيال.
خامساً: الأحكام
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
·       إن في وصف جهنم الملأى بالكفار والفجار والعصاة، وفي وصف الجنة المقربة المرئية للمتقين تثبيتا للإيمان بالبعث وتقوية له، وتحذيرا وتخويفا من عمل أهل النار، وترغيبا في اقتفاء آثار وأعمال المؤمنين الذين يدخلون الجنة، كما أن في تقريب الجنة للمتقين وإدنائها لهم غير بعيدة عنهم إشعارا لهم بتيسير الوصول إليها.
·       يؤكد اللَّه تعالى الشعور بالنعمة والاطمئنان في الجنة للمتقين، فتقول الملائكة لهم: هذا الجزاء الذي وعدتم به في الدنيا على ألسنة الرسل.
·       أهل الجنة هم كل أوّاب رجاع إلى اللَّه عن المعاصي، حافظ لحدود اللَّه وشرائعه، فيعمل بها ولا يتجاوزها ولا يتخطاها إلى غيرها، خائف من اللَّه رب العزة، وإن لم يره، وجل منه في سره وعلانيته، يجيء إلى ربه يوم القيامة بقلب منيب أي مقبل على الطاعة، محبّ لها، مرتاح بفعلها، غير متضجّر بها.
·       تقول الملائكة للمتقين أهل الجنة: ادخلوها بسلام من العذاب ومن زوال النعم، وبسلام من اللَّه وملائكته عليكم.
·       في الجنة للمتقين ما تشتهيه أنفسهم وتلذّ أعينهم، ويجدون لدى ربهم مزيدا من النعم، مما لم يخطر على بالهم، زيادة على النعم: وهو النظر إلى وجه اللَّه تعالى بلا حصر ولا كيف ولا تجسيد.

No comments:

Post a Comment

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...